القبائل العربية بين السِّياسة والعقيدة "أسد" بزعامة طليحة بن خويلد الأسديّ أنموذجاً

المؤلفون

  • يوسف زرده جامعة تشرين

الملخص

          يتألف هذا البحثُ من قسمين رئيسين, قوامُ أوَّلهما تتُّبعُ وقائعِ أو مجرياتِ دخولِ القبائلِ العربيةِ بعامّةٍ في الإسلامِ على قاعدةِ " أسلموا تسلموا ", ثم خروجِها منه عندما سَنَحَتْ لها الفرصة, ثمَّ عودتِها إليه مُرْغمةً على قاعدةِ دخولِها فيه من قبلُ. وقوام ثانيهما تتبُّعُ وقائعِ دخولِ قبيلةِ "أَسَد" في الإسلام بزعامة طليحةَ الأسديِّ, الذي تزعَّم بنفسه ثورتَها على الإسلامِ الذي أدخلَها فيه, والتحاقِه ـــ من ثمَّ ـــ بقبيلتِهِ التي أُعيدَتْ قبلَهُ إلى الإسلام مُرْغَمةً على قاعدةِ دخولِها فيه من قبلُ؛ قاعدةِ "أسلموا تسلموا" أيضاً. فكان القسمُ الأوّلُ من هذا البحثِ بمنزلةِ التمهيدِ للقسمِ الثاني منه مُمَثَّلاً بتسليطِ الضوءِ على سيرةِ عَلَمٍ من أعلامِ بني "أَسَد", علا شأنُه, وازدادَ خطرُهُ, وأصابَ من الشُّهرةِ, وذيوعِ الصِّيتِ, ما جعلَهُ حديثَ أصحابِ الكلمةِ الفصلِ في الدّولةِ العربية الإسلاميّةِ, في مرحلة مِفصَليّة من تاريخها, مُمَثَّلةً في فترةِ مرضِ الرسولِ مرضَه الذي ماتَ فيه, وانتقالِ السّلطةِ فيها إلى أبي بكر, الأمرُ الذي أدّى إلى إعلانِ القبائل العربية تمرُّدَها على الدّولة النَّبوية التي فَرَضَتْ على "أَسَد" وأخواتِها من القبائل العربية دفعَ ما سُمِّيَ بزكاةِ أموالِها لصالح ما عَدَّتْهُ هذه القبائلِ دولةً قرشيّةً بامتياز, لا دولةً عربيةً, أو عربيّةً إسلاميّة.

ولمّا كانَ طليحةُ بنُ خُويْلدٍ الأسديُّ أحدَ أبرزِ قادةِ هذا التَّمرُّدِ عُنِيْنا في هذا البحثِ بالتَّعرّفِ على بواعثِهِ على التَّمرُّد أولاً, ثم مُؤَهِّلاتِهِ المعنويّةِ والمادّيَّةِ التي مَكَّنتهُ من تَزَعُّمِ حركةِ عصيانٍ حَظِيَتْ بتأييدٍ واسعٍ من قبائلَ عربيةٍ كثيرةٍ, على رأسها قبيلتُهُ "أَسَد". وجئنا ـــ بعد ذلك ـــ على ذكرِ وقائعِ أو مجرياتِ هذا العصيانِ مشفوعةً بما دلَّ على الخِصالِ التي أهَّلَتْ طليحةَ لتزعُّمِ هذا الحَراكِ الثَّوريِّ الذي وَعَى مصالحَ قبائلِ المُعارَضَةِ, بحسب مصطلحاتِ العصرِ, وعبَّرَ عنها بوضوحٍ لا مُواربةَ فيه أو مُداهَنَةٍ, كما وَعَى محاولةَ قريشٍ وثقيفٍ من بين القبائلِ جميعِها, الاستثمارَ في الدّين, فأثبتَ أنَّ حرصَهما, ولاسيمّا حرصَ قريشٍ منهما, وإصرارَها على تحصيل الزَّكاة من القبائلِ الأخرى, لم يكنْ إلّا سَطْواً على أموالِ هذه القبائلِ, بذريعةِ أنَّ تحصيلَ هذه الأموال فريضةٌ من الله, لا سبيلَ إلى التّنازل عنها.

أمّا بالنِّسبة إلى مُؤَهّلاتِ طليحةَ لتزعُّم حركةِ التَّمرُّدِ على الدّولةِ النَّبويّة, فقد أتينا على ذكرِ ما يؤكِّدُ شجاعةَ هذا الرجل, ورباطةَ جأشِهِ, وحِنْكتَهُ التي صقلتْها المعاركُ والحروبُ التي خاضَها في كثيرٍ من مراحلِ حياتهِ, كما أتينا على ذكر ما يؤكّدُ مؤهِّلاتَهُ المعنويةَ ممثَّلةً بشاعريتِهِ وبلاغتِهِ التي فَتَنَ بها ألبابَ سامعيه, فلم يترَدَّدوا لذلك في تشريفه وتعظيمه إلى درجة الارتقاء بمقامه إلى مصافِّ القِدِّيسين, بل الأنبياءِ الذين أكرمهم الله ببصيرةٍ نافذةٍ ثاقبةٍ أَرَتْهُ أبعدَ ممّا يراه الآخرون, وأمْكَنَتْهُ من استشرافِ بعض ما هو آتٍ, فألحقه بعضهم بالأنبياءِ الذين مَنَّ اللهُ عليهم بالحِكمة, والرأي السَّديدِ, والقدرةِ على قول ما لا يمكنُ صدورهُ  ــ من وجهةِ نظر أتباعه ــ عن إنسانٍ عاديٍّ؛ الأمر الذي جعل هؤلاء الأتباعَ لا يتردَّدون في النَّظر إليه بوصْفِهِ نبيّاً يُوْحَى إليه.

التنزيلات

منشور

2024-03-14

كيفية الاقتباس

زرده ي. (2024). القبائل العربية بين السِّياسة والعقيدة "أسد" بزعامة طليحة بن خويلد الأسديّ أنموذجاً . مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية- سلسلة الآداب والعلوم الانسانية, 46(1), 199–220. استرجع في من https://journal.tishreen.edu.sy/index.php/humlitr/article/view/16622

الأعمال الأكثر قراءة لنفس المؤلف/المؤلفين