موقع الأصنام من عقيدةِ وَثَنيي الجاهليّة

المؤلفون

  • يوسف زرده جامعة تشرين

الملخص

تَمَحْوَرَ هذا البحثُ حولَ موقعِ الأصنامِ من عقيدةِ وَثنيّي الجاهليّة العرب. فتحَدَّثنا فيه عن تشييدِ سيِّدنا إبراهيمَ (ع) البيتَ العتيقَ في مَكَّة بوصفهِ أوَّلَ مكانٍ عربيٍّ نُصِبتِ الأصنامُ فيهِ وحولَه, ثمَّ تحدَّثنا عن علاقةِ جثمانِ آدمَ (ع) بالصَّنمِ الأوَّلِ الذي صَنَعَهُ بنو قابيلَ على هيئةِ أبيهم آدمَ, وانتقلنا من ذلك إلى الحديث عن المجموعة الأُولَى من الأصنامِ التي عَرَفَتْها البشريةُ في بلاد الهند, والتي جَرَفَها طُوفانُ " نُوْحٍ" من جبلِ "نُوْذ" في بلاد الهند, إلى مدينة "جُدَّة" في الجزيرة العربية, ليأتي بها سادِنُ الكعبةِ, عمرُو بنُ لُحَي, من جُدَّة, إلى مكَّة. ويدعو حُجَّاجَ البيتِ العتيقِ من العربِ الإبراهيميينَ إلى تعظيمَها, والتَّقرُّبَ إلى الله بالطَّوافِ بها, والدَّوَران حولَها, تَأسِّياً بما كان يفعله بنو قابيل بأوَّلِ صَنَمٍ حاكوا به جثمانَ أبيهم آدمَ. وبعدَ ذلك تحدَّثنا عن صراع بني إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ فيما بينَهم على السُّكْنَى في مكّةَ صراعاً هَجَّرَ ــ على إثرِهِ ــ بعضُهم بعضاً منها, فحَمَلَ الذين أُرْغِموا على مغادرتها أحجاراً من مَكَّةَ تُذَكِّرُهُم بها, ثمَّ نصبوا هذه الأحجارَ المَكِّيَّةَ حيثُما حَلُّوا من أرض شبه الجزيرة العربية, فصارتْ هذه الأحجارُ المَكِّيّةُ أصناماً لهم في ديارهم, يُغْنِيْهُمُ الطَّوافُ بها, عن مكابدةِ السَّفرِ إلى مَكَّةَ للطَّوافِ بأصنامِها. وبعد ذلك انتقلنا إلى الحديث عن طقوسِ وشعائرِ العبادةِ عندَ العرب مُذْ دعا إبراهيمُ النّاسَ إلى حجِّ البيتِ العتيقِ, إلى حينِ ظهور الإسلام, فألقينا الضوءَ على بعضٍ من عاداتِهم وأعرافِهم الاجتماعيّةِ المُتَّصلةِ بالدين, وعلى شعائرِ حَجِّهِمْ زَمَنَ سيِّدنا إبراهيم, قبلَ معرفتِهِم الأصنامَ, ثمَّ قارَنّا هذه العاداتِ والأعرافَ الاجتماعيّةَ, والشعائرَ الدينيّةَ بما يقابلُها من عاداتِ وأعرافِ عربِ الجاهليّة, وشعائرِ الحَجِّ عندَ وثنيّي العرب, بل عندَ المسلمينَ بَعْدَهم, فما رأينا فَرْقاً ـــ من حيثُ التَّوَجُّهُ إلى اللهِ بالعبادةِ ـــ  بينَ العقيدةِ التي كان العربُ الإبراهيميون عليها قبلَ معرفتهم الأصنامَ, وتلك التي صاروا إليها بعدَ معرفتهم الأصنامَ, ثمَّ تلك العقيدةِ التي أشادَها المسلمونَ على رُكامِ الأصنامِ التي هدموها بأيديهم؛ فاللهُ الواحدُ الأحدُ هو المعبودُ الذي توجَّهَ إليهِ العربُ بالعبادةِ, مذُ حَجُّوا إلى البيتِ العتيقِ زمَنَ سيّدنا إبراهيم, بل قبلَ ذلكَ أيضاً, مروراً بالحجِّ إليه بعدما حَفَّتْ بِجَنَبَاتِهِ الأصنامُ, وصولاً إلى شعائرِ حَجِّ المسلمينَ إلى البيت العتيقِ, بعدَ أنْ جَرَّدوهُ من الأصنام, وأعادُوه إلى هيئته التي تركَهُ عليها سيِّدنا إبراهيم؛ فبراءَةُ الوثنيين من عبادةِ الأصنام, بل من عبادةِ غيرِ الله, أصناماً كانتْ أو غيرَ أصنامٍ, كانت ـــ بالنسبة إلينا ـــ واضحةً جليّةً, في ضربهم بالقِداح عندَ الأصنام, وتَقرّبهم إلى الله بذبح الأضاحي عندَها, وفي اعترافِ القرآن الكريم لهم بأنَّهم لا يعبدونَ الأصنامَ, إنما يتقرَّبون بها إلى الله زُلْفى, وكذلك كانتْ براءَتُهم من عبادة الأصنام واضحةً لنا من خلال تقريعِهِمُ الأصنامَ وتوبيخِها, كلَّما خابَ بها ظَنُّهم, ورأوا عندَها ما لا يروقُ لهم, ثمَّ في اعتراف أعدائِهِم لهم بتوحيد الله, مُمَثَّلاً هذا الاعترافُ بقول بعض خصومهم عنهم: "كان الوثنيون َيُوَحِّدُونَ اللهَ بِالتَّلْبِيَةِ, وَيَجْعَلُونَ مِلْكَ أصنامِهم بِيَدِهِ[1]". وبما أنَّ توحيدَ الله, والشِّرْكَ به ضِدّانِ, لا يَصِحُّ اجتماعُهُما عَقْلاً, فقد صحَّ عندنا أنَّ وثنيّي الجاهليّة لم يَعْبُدُوا غيرَ الله, وما عبدوا صَنَماً قَطُّ.

 

التنزيلات

منشور

2023-11-18

كيفية الاقتباس

زرده ي. (2023). موقع الأصنام من عقيدةِ وَثَنيي الجاهليّة. مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية- سلسلة الآداب والعلوم الانسانية, 45(5), 57–82. استرجع في من https://journal.tishreen.edu.sy/index.php/humlitr/article/view/15515

الأعمال الأكثر قراءة لنفس المؤلف/المؤلفين